ابتسم وإن كنت حزيناً

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
من منكم أيها الأحبة جَربَ أن يبتسم وعلامات الحزن تعلو صفحات وجهه ؟
ومن منكم تمكن من مزج دموع عينيه بابتسامة عريضة أدهشت من كان حوله ؟
ومن منكم أخفى جراحه وآلامه التي آذته كثيراً وقابل الناس بإشراقة وجهٍ ليبدو بحالةٍ جيدةٍ يتمنى من يراه أن يكون حاله بمثل حاله ؟
ومن منكم آذته البلايا وعصفت به المصائب والمحن وقابلها بأريحية واطمئنان وثقة بأن الله الذي امتحنه بهذه البلايا والمحن هو أبصر به وسيؤتيه في مقابلها ما تهنأ به نفسه ؟
ومن منكم استبدل آهات الحزن وصرخات الألم ودموع القهر بآهزيج السرور وصيحات الضحك ودموع الفرح ؟
وهل يمكن لمن تمكن منكم أن يتغلب على أحزانه أن يصف لنا شعوره ومدى رضاه عن نفسه ؟ وأن يبين لنا مدى إقبال الناس عليه وكثرة الأحباب والأصحاب الذين يتوقون إلى طيب الحديث معه ؟

نعم أحبتي
الإنسان في هذه الحياة يعيش سني عمره التي قدرها الله له أطواراً قد تكون سعيدة بأكملها وقد يكون بعضها يحوي السعادة وبعضها يحوي الحزن والألم وقد تكون كل سني عمره تحوي الحزن والألم
وخير الناس من يبدي إشراقة الوجه للآخرين حتى لو كان في أحلك الظروف وفي أشد المحن
أَوَما سمعتم عن سيد الشهداء عليه السلام كيف كان يتهلل وجهه بأنوار الإيمان بالله وهو صريع على رمضاء كربلاء حتى شَغَل أعداءه عن الإقدام على قتله إعجاباً بطلاقة وجهه والإبتسامة التي ارتسمت على محياه وإشراقة الإيمان المنبعثة من نفسه المطمئنة برضا الله ولعلمه بأن ما يجري عليه من أذىً إنما هو بعين الله
هذا هو حال المؤمن يُدهِش أعداءه ويُسعد أحبابه بإشراقة وجهه واطمئنان نفسه ، ذكر الله لا يغيب عن شفتيه ، يشكره في السراء والضراء والشدة والرخاء ، يعلم بأن مصيره لا للفناء وإنما سيرجع إلى خالقه ليوفيه أجر الصابرين فهو في كل الأحوال متيقناً بأن الله لن يتركه
إن كان في بحبوبة من العيشِ فذلك بفضل الله عليه فلزمه لذلك شكره وإن كان في عسرٍ من العيش فلأن الله يحبه وبالبلاء امتحنه لذلك يصبر فينال بصبره النعيم المقيم
فالهناء والبلاء لديه نعمة لذلك لا يهم نفسه ولا يزعج غيره بعبوس قد يضره وعن الناس يُبعده ، لذا اختار الإبتسامة شعاره لجذب الناس إليه